إِلَّا على قُلُوب الْمُعْتَدِينَ وَلَا يركس فِي الْفِتْنَة إِلَّا الْمُنَافِقين بكسبهم وَأَن الرين الَّذِي غطى بِهِ قُلُوب الْكفَّار وَهُوَ عين كسبهم وأعمالهم كَمَا قَالَ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وَقَالَ عَن أعدائه من الْيَهُود وَقَالُوا قُلُوبنَا غلف بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ وَأخْبر أَنه لَا يضل من هداه حَتَّى يبن لَهُ مَا يَتَّقِي فيختار لشقوته وَسُوء طَبِيعَته الضلال على الْهدى والغي على الرشاد وَيكون مَعَ نَفسه وشيطانه وعدو ربه عَلَيْهِ

وَأما الْمَكْر الَّذِي وصف بِهِ نَفسه فَهُوَ مجازاته للماكرين بأوليائه وَرُسُله فيقابل مَكْرهمْ السيء بمكره الْحسن فَيكون الْمَكْر مِنْهُم أقبح شَيْء وَمِنْه أحسن شيءلأنه عدل ومجازاة وَكَذَلِكَ المخادعة مِنْهُ جَزَاء على مخادعة رسله أوليائه فَلَا أحسن من تِلْكَ المخادعة وَالْمَكْر وَأما كَون الرجل يعْمل بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَإِن هَذَا عمل أهل الْجنَّة فِيمَا يظْهر للنَّاس وَلَو كَانَ عملا صَالحا مَقْبُولًا للجنة قد أحبه الله ورضيه لم يُبطلهُ عَلَيْهِ وَقَوله لم يبْق بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع يشكل على هَذَا التَّأْوِيل فَيُقَال لما كَانَ الْعَمَل بِآخِرهِ وخاتمته لم يصبر هَذَا الْعَامِل على عمله حَتَّى يتم لَهُ بل كَانَ فِيهِ آفَة كامنة ونكتة خذل بهَا فِي آخر عمره فخانته تِلْكَ الآفة والداهية والباطنة فِي وَقت الْحَاجة فَرجع إِلَى مُوجبهَا وعملت عَملهَا وَلَو لم يكن هُنَاكَ غش وَآفَة لم يقلب الله إيمَانه لقد أوردهُ مَعَ صدقه فِيهِ وإخلاصه بِغَيْر سَبَب مِنْهُ يَقْتَضِي إفساده عَلَيْهِ وَالله يعلم من سَائِر الْعباد مَا لَا يُعلمهُ بَعضهم من بعض

وَأما شَأْن إِبْلِيس فَإِن الله سُبْحَانَهُ قَالَ للْمَلَائكَة إِنِّي أَعْلَمُ مَالا تعلمُونَ فالرب تَعَالَى كَانَ يعلم مَا فِي قلب إِبْلِيس من الْكفْر وَالْكبر والحسد مَالا يُعلمهُ الْمَلَائِكَة فَلَمَّا أمروا بِالسُّجُود ظهر مَا فِي قُلُوبهم من الطَّاعَة والمحبة والخشية والانقياد فبادروا إِلَى الِامْتِثَال وَظهر مَا فِي قلب عدوه من الْكبر والغش والحسد فَأبى واستكبر وَكَانَ من الْكَافرين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015