ثَلَاث خلال إِمَّا أَن يَغْلِبك على الْحصن ويستولي عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن يساكنك فِيهِ وَإِمَّا أَن يشغلك بمقابلته عَن تَمام مصلحتك وتعود إِلَى سد النقب وَلم شعث الْحصن وَإِذا دخل نقبه إِلَيْك نالك مِنْهُ ثَلَاث آفَات إِفْسَاد الْحصن والإغارة على حواصله وذخائره وَدلَالَة السراق من بني جنسه على عَوْرَته فَلَا يزَال يبْلى مِنْهُ بغارة حَتَّى يضعفوا قواه ويوهنوا عزمه فيتخلى عَن الْحصن ويخلي بَينهم وَبَينه
وَهَذِه حَال أَكثر النُّفُوس مَعَ هَذَا الْعَدو وَلِهَذَا تراهم يسخطون رَبهم بِرِضا أنفسهم بل بِرِضا مَخْلُوق مثلهم لَا يملك لَهُم ضرا وَلَا نفعا ويضيعون كسب الدّين بكسب الْأَمْوَال وَيهْلِكُونَ أنفسهم بِمَا لَا يبْقى لَهُم ويحرصون على الدُّنْيَا وَقد أَدْبَرت عَنْهُم ويزهدون فِي الْآخِرَة وَقد هجمت عَلَيْهِم ويخالفون رَبهم باتّباع أهوائهم ويتكلون على الْحَيَاة وَلَا يذكرُونَ الْمَوْت ويذكرون شهواتهم وحظوظهم وينسون مَا عهد الله إِلَيْهِم ويهتمون بِمَا ضمنه الله وَلَا يهتمون بِمَا أَمرهم بِهِ ويفرحون بالدنيا ويحزنون على فَوَات حظهم مِنْهَا وَلَا يَحْزَنُونَ على فَوَات الْجنَّة وَمَا فِيهَا وَلَا يفرحون بِالْإِيمَان فَرَحهمْ بالدرهم وَالدِّينَار ويفسدون حَقهم وهداهم بضلالهم ومعروفهم بمنكرهم ويلبسوا إِيمَانهم بظنونهم ويخلطون حلالهم بحرامهم ويترددون فِي حيرة آرائهم وأفكارهم ويتركون هدى الله الَّذِي أهداه إِلَيْهِم وَمن الْعجب أَن هَذَا الْعَدو يسْتَعْمل صَاحب الْحصن فِي هدم حصنه بيدَيْهِ
الانقياد والحسد يمنعهُ قبُول النَّصِيحَة وبذلها وَالْغَضَب يمنعهُ الْعدْل والشهوة تَمنعهُ التفرّغ لِلْعِبَادَةِ فَإِذا انْهَدم ركن الْكبر سهل عَلَيْهِ الانقياد وَإِذا انْهَدم ركن الْحَسَد سهل عَلَيْهِ قبُول النصح وبذله وَإِذا انْهَدم ركن الْغَضَب سهل عَلَيْهِ الْعدْل والتواضع وَإِذا انْهَدم ركن الشَّهْوَة سهل عَلَيْهِ الصَّبْر والعفاف وَالْعِبَادَة وَزَوَال الْجبَال عَن أماكنها