أدنى بِالَّذِي هُوَ خير وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهَا من المهانة والدناءة وَصغر النَّفس وَأما الْأَخْلَاق الفاضلة كالصبر والشجاعة وَالْعدْل والمروءة والعفة والصيانة والجود والحلم وَالْعَفو والصفح وَالِاحْتِمَال والإيثار وَعزة النَّفس عَن الدناآت والتواضع والقناعة والصدق والأخلاق والمكافأة على الْإِحْسَان بِمثلِهِ أَو أفضل والتغافل عَن زلات النَّاس وَترك الانشغال بِمَا لَا يعنيه وسلامة الْقلب من تِلْكَ الْأَخْلَاق المذمومة وَنَحْو ذَلِك فَكلهَا ناشئة عَن الْخُشُوع وعلو الهمة وَالله سُبْحَانَهُ أخبر عَن الأَرْض بِأَنَّهَا تكون خاشعة ثمَّ ينزل عَلَيْهَا المَاء فتهتز وتربو وَتَأْخُذ زينتها وبهجتها فَكَذَلِك الْمَخْلُوق مِنْهَا إِذا أَصَابَهُ حَظه من التَّوْفِيق وَأما النَّار فطبعها الْعُلُوّ والإفساد ثمَّ تخمد فَتَصِير أَحْقَر شَيْء وأذله وَكَذَلِكَ الْمَخْلُوق مِنْهَا فَهِيَ دَائِما بَين الْعُلُوّ إِذا هَاجَتْ واضطربت وَبَين الخسة والدناءة إِذا خمدت وسكنت والأخلاق المذمومة تَابِعَة للنار والخلوق مِنْهَا والأخلاق الفاضلة تَابِعَة للْأَرْض والمخلوق مِنْهَا فَمن علت همته وخشعت نَفسه اتّصف بِكُل خلق جميل وَمن دنت همته وطغت نَفسه اتّصف بِكُل خلق رذيل
تعذّر عَلَيْهِ الْوُصُول إِلَيْهِ فَإِن الهمة إِذا كَانَت عالية تعلّقت بِهِ وَحده دون غَيره وَإِذا كَانَت النِّيَّة صَحِيحَة سلك العَبْد الطَّرِيق الموصلة إِلَيْهِ فالنية تفرد لَهُ الطَّرِيق والهمة تفرد لَهُ الْمَطْلُوب فَإِذا توَحد مَطْلُوبه وَالطَّرِيق الموصلة إِلَيْهِ كَانَ الْوُصُول غَايَته وَإِذا كَانَت همته سافلة تعلّقت بالسفليات وَلم تتعلّق بالمطلب الْأَعْلَى وَإِذا كَانَت النِّيَّة غير صَحِيحَة كَانَت طَرِيقه غير موصلة إِلَيْهِ فمدار الشَّأْن على همة العَبْد وَنِيَّته وهما مَطْلُوبه وَلَا يتم لَهُ إِلَّا بترك ثَلَاثَة أَشْيَاء العوائد والرسوم والأوضاع الَّتِي أحدثها النَّاس الثَّانِي هجر الْعَوَائِق الَّتِي تعوقه عَن إِفْرَاد مَطْلُوبه وَطَرِيقه