أَمَامه إِلَى الْآخِرَة وقلب فارغ من محبَّة الله والشوق إِلَيْهِ والأنس بِهِ وبدن معطل من طَاعَته وخدمته ومحبة لَا تتقيد برضاء المحبوب وامتثال أوامره وَوقت معطل عَن اسْتِدْرَاك فارطه أَو اغتنام بر وقربة وفكر يجول فِيمَا لَا ينفع وخدمة من لَا تقربك خدمته إِلَى الله وَلَا تعود عَلَيْك بصلاح دنياك وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله وَهُوَ أسبر فِي قَبضته وَلَا يملك لنَفسِهِ حذرا وَلَا نفعا وَلَا موتا وَلَا حَيَاة وَلَا نشورا
وَأعظم هَذِه الإضاعات إضاعتان هما أصل كل إِضَاعَة إِضَاعَة الْقلب وإضاعة الْوَقْت فإضاعة الْقلب من إِيثَار الدُّنْيَا على الْآخِرَة وإضاعة الْوَقْت من طول الأمل فَاجْتمع الْفساد كُله فِي إتباع الْهوى وَطول الأمل وَالصَّلَاح كُله فى اتِّبَاع لهدى والاستعداد للقاء وَالله الْمُسْتَعَان
الْعجب مِمَّن تعرض لَهُ حَاجَة فَيصْرف رغبته وهمته فِيهَا إِلَى الله ليقضيها لَهُ وَلَا يتَصَدَّى للسؤال لحياة قلبه من موت الْجَهْل والإعراض وشفائه من دَاء الشَّهَوَات والشبهات وَلَكِن إِذا مَاتَ الْقلب لم يشْعر بمعصيته
بهَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَكّ من هَذِه الثَّلَاثَة وَالْقَضَاء نَوْعَانِ إِمَّا مصائب وَإِمَّا معائب وَله عَلَيْهِ عبودية فِي هَذِه الْمَرَاتِب كلهَا فَأحب الْخلق إِلَيْهِ من عرف عبوديته فِي هَذِه الْمَرَاتِب ووفاها حَقّهَا فَهَذَا أقرب الْخلق إِلَيْهِ وأبعدهم مِنْهُ من جهل عبوديته فِي هَذِه الْمَرَاتِب فعطلها علما وَعَملا فعبوديته فِي الْأَمر وامتثاله اخلاصا واقتداءا برَسُول الله وَفِي النَّهْي اجتنابه خوفًا مِنْهُ وإجلالا ومحبة وعبوديته فِي قَضَاء المصائب الصَّبْر عَلَيْهَا ثمَّ الرِّضَا بهَا وَهُوَ أَعلَى مِنْهُ ثمَّ الشُّكْر عَلَيْهَا وَهُوَ أَعلَى من الرِّضَا وَهَذَا إِنَّمَا يأتى مِنْهُ إِذا تمكن حبه من قلبه وَعلم حسن اخْتِيَاره لَهُ وبره بِهِ ولطفه بِهِ