مِنْهُ الْعلم لِأَن غَيرنَا قد كفانا هَذِه المؤونة فعمدتنا على مَا فهموه قرروه وَلَا شكّ أَن من كَانَ هَذَا مبلغه من الْعلم فَهُوَ كَمَا قَالَ الْقَائِل
نزلُوا بِمَكَّة فِي قبائل هَاشم ... وَنزلت بالبطحاء أبعد منزل
قَالَ وَقَالَ لي شَيخنَا مرّة فِي وصف هَؤُلَاءِ أَنهم طافوا على أَرْبَاب الْمذَاهب ففازوا بأخس المطالب وَيَكْفِيك دَلِيلا على أَن هَذَا الَّذِي عِنْدهم لَيْسَ من عِنْد الله مَا ترى فِيهِ من التنقائض وَالِاخْتِلَاف ومصادمة بعضه لبَعض قَالَ تَعَالَى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كثيرا} وَهَذَا يدل على أَن مَا كَانَ من عِنْده سُبْحَانَهُ لَا يخْتَلف وَأَن مَا اخْتلف وتناقض فَلَيْسَ من عِنْده وَكَيف تكون الآراء والخيالات وسوانح الأفكار دينا يدان بِهِ وَيحكم بِهِ على الله وَرَسُوله سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم
وَقد كَانَ علم الصَّحَابَة الَّذِي يتذاكرون فِيهِ غير عُلُوم هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفين الخرّاصين كَمَا حكى الْحَاكِم فِي تَرْجَمَة أبي عبد الله البُخَارِيّ قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله إِذا اجْتَمعُوا إِنَّمَا يتذاكرون كتاب رَبهم وَسنة نَبِيّهم لَيْسَ بَينهم رَأْي وَلَا قِيَاس وَلَقَد أحسن الْقَائِل
الْعلم قَالَ الله قَالَ رَسُوله ... قَالَ الصَّحَابَة لَيْسَ بالتمويه
مَا الْعلم نصبك للْخلاف سفاهة ... بَين الرَّسُول وَبَين رَأْي فَقِيه
كلا وَلَا جحد الصِّفَات ونفيها ... حذرا من التَّمْثِيل والتشبيه فصل
وَأما الْإِيمَان فَأكْثر النَّاس أَو كلهم يَدعُونَهُ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بمؤمنين وَأكْثر الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا عِنْدهم إِيمَان مُجمل وَأما الْإِيمَان الْمفصل بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول معرفَة وعلما وإقرارا ومحبة وَمَعْرِفَة بضده وكراهيته وبغضه فَهَذَا إِيمَان