ابن أبي العوجاء لتضرب عنقه، قال: وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال، وأحل الحرام.
ومنهم: من يضع نصرة لمذهبه، تاب رجل من المبتدعة فجعل يقول: انظروا عمن تأخذون هذا الحديث، فإنا كنا إذا هوينا أمرًا صيرناه حديثا.
ومنهم: من يضع حسبه ترغيباً وترهيباً، ومضمون فعلهم أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى تتمة.
ومنهم: من أجاز وضع الأسانيد لكلام حسن.
ومنهم: من قصد التقرب إلى الساطان.
ومنهم: القصاص؛ لأنهم يريدون أحاديث ترقق وتنفق. وفي الصحاح: يقل مثل ذلك، ثم إن الحفظ يشق عليهم، ويتفق عدم الدين ويحضرهم جهال. وما أكثر ما تعرض على أحاديث في مجلس الوعظ. قد ذكرها قصاص الزمان فأردها فيحقدون علي. انتهي.
ومن أسباب الوضع: ما يقع لمن لا دين له عند المناظرة في المجامع، استدلالًا علي ما يقوله بما يطابق هواه، تنفيقًا لجداله وتقويمًا لمقاله. واستطالة على خصمه، ومحبة للغلب، وطلبًا للرياسة، وفرارًا من الفضيحة، إذا ظهر عليه من يناظره، ومن تنفيق المدعي للعم لنفسه على من يتكلم عنده، إذا عرض البحث عن حديث، ووقع السؤال عن كونه صحيحًا أو ضعيفاً أوموضوعاً، فيقول: من كان في دينه رقة، وفي علمه دغل: هذا الحديث أخرجه فلان، صححه فلان، وينسب ذلك إلى مؤلفات يقل وجودها، تظهرًا منه بأنه قد اطلع على ما لم يطلعوا عليه، وعرف ما لم يعرفوا، وربما لم يكن قد قرع سمعه ذلك اللفظ المسئول عنه قبل هذه المرة، فإن هذا نوع من أنواع الوضع، وشعبة من شعب الكذب، وقد يسمعه من لم يقف على حقيقة حاله. فيعتقد صحة ذلك، وينسب ذلك الكلام إلى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ويقول: رواه فلان، صححه فلان، كما قال ذلك المخذول.