وقال الإمام البخاري: كنتُ أختلف إلى الفقهاء بمرو وأنا صبي فإذا جئت أستحي أن أُسلم عليهم.
فقال لي مؤدب من أهلها: كم كتبتَ اليوم؟
فقلت: اثنين وأردت بذلك حديثين فضحك من حضر المجلس.
فقال شيخ منهم: لا تضحكوا فلعله يضحك منكم يومًا.
عن الفربري قال: قال لي محمد بن إسماعيل: ما وضعتُ في كتابي «الصحيح» حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
وقال بكر بن منير: سمعتُ أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبتُ أحدًا.
قلتُ: صدق رحمه الله، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل، علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يُضعفه فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه فيه نظر ونحو هذا، وقلَّ أن يقول: كذاب، أو كان يضع الحديث، حتى أنه قال: إذا قلتُ فلان في حديثه نظر فهو متهم واهٍ وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبتُ أحدًا، وهذا هو والله غاية الورع.
عن البخاري قال: لم أخرج في الكتاب إلا صحيحًا، وما تركت من الصحيح أكثر.
لبعضهم باختصار:
صحيح البخاري لو أنصفوه ... لما خط إلا بماء الذهب
هو الفرق بين الهدى والعمى ... هو السد بين الفتى والعطَب
أسانيد مثل نجوم السماء ... أمام متون كمثل الشهب
فيا عالمًا أجمع العالمون ... على فضل رتبته في الريب