هذا يوم المحنة: إن الخلق واقع ههنا على السماء والأرض وهذه الأشياء، لا على القرآن.
قلت: كذا ينبغي للمحدث أن لا يشهر الأحاديث التي يتشبث بظاهرها أعداءُ السنن من الجهمية وأهل الأهواء، والأحاديث التي فيها صفات لم تثبت فإنك لن تحدث قومًا بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم، فلا تكتم العلم الذي هو علم، ولا تبذله للجهلة الذين يشغبون عليك، أو الذين يفهمون منه ما يضرهم.
* * *
عن أم الطفيل، امرأة أبي بن كعب: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا، فهذا خبر منكر جدًا.
قلت: ولئن أجزنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله، فهو أدرى بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره عليه السلام، ولا نحن نحسن أن نعبره، فإما أن نحمله على ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث أن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأي رئيَّه بياء مشددة.
وقد قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون.
وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثًا كثيرًا مما لا يحتاجه المسلم في دينه وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم، وليس هذا من باب كتمان العلم في شيء، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الأمة حفظه، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره، وينبغي للأمة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء.
والعلم الذي يحرم تعلمه ونشره علم الأوائل وإلهيات الفلاسفة وبعض