هل من الموت لا أبالك بُدُّ ... أيُّ حي إلى سوى الموت صارا
وكان لأبي مسهر حلقة في الجامع بين العشاءين عند حائط الشرقي، فبينا هو ليلة، إذ قد دخل الجامع ضوء عظيم، فقال أبو مسهر: ما هذا؟ قالوا: النار التي تُدلى من الجبل لأمير المؤمنين حتى تضيء له الغوطة.
فقال: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 128، 129] وكان في الحلقة صاحب خبر للمأمون، فرفع ذلك إلى المأمون، فحقدها عليه وكان قد بلغه أيضًا أنه على قضاء أبي العميطر.
فلما رحل المأمون، أمر بحمل أبي مسهر إليه، فامتحنه بالرقة في القرآن.
قلتُ: قد كان المأمون بأسًا وبلاء على الإسلام.
قال الذهلي: سمعت أبا مسهر يُنشد:
ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له ... من الله في دار المقام نصيب
فإن تعجب الدنيا رجال فإنه ... متاع قليل والزوال قريب
المأمون
الخليفة، أبو العباس، عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي ابن أبي جعفر المنصور العباسي (10/ 272).
كان فصيحًا مفوهًا، وكان يقول: معاوية بن أبي سفيان بعمره، وعبد الملك بحَجاجه، وأنا بنفسي.
قال يحيى بن أكثم: قال لي المأمون: أريد أن أحدث.
قلت: ومَن أولى بهذا منك؟