قصص من غير تحبير أو افتنان في التحبير، وبون بعيد جدًا بين الطبقة، التي كان يخرج لها أدباء العرب في العصور السابقة أعمالهم، وبين الطبقة الحاضرة التي تخرج لها الآن لك النماذج، فالطبقة الأولى كانت محدودة بالخيفة، أو الأمير وحاشيته وما حوله من أدباء ممتازين، وعلماء وفلاسفة. من أجل ذلك كان الكاتب يجود آثاره منتهى ما يمكن من تجويد، أما في هذا العصر فالطبقة التي يوجه لها الكتاب أعمالهم طبقة واسعة من الجمهور، وأكثر هذه الطبقة حظه من الثقافة العامة -فضلًا عن الثقافة الأدبية- ضئيل ومحدود، ولذلك كان يقبل كل ما يقدم له، وترى طائفة من الكتاب في الجمهور هذه الخاصة فلا تتريث، بل تتعجل، وتدفعها هذه العجلة إلى إهمال أساليبها، إهمالًا من شأنه أن يسقط في أثنائه كثير من العيوب، التي نبغي أن لا تعتور الأثر الأدبي الممتاز، وإنا لنأمل أن تكون هذه الدراسة للنثر العربي، ومذاهبه في مختلف عصوره، وأقاليمه فاتحة لعناية كتابنا بأعمال أسلافهم وتراث آبائهم، وأن يدفعهم ذلك إلى الصقل، والتحبير حتى يحققوا لآثارهم، ما يريدون لها من البقاء والخلود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015