في الحركات الأدبية، فهي الآن تقوم منها مقام الدفة، والمجداف في السفينة، فهي التى توجه، وهي التي تثير وتدفع، ولا يقتصر الأمر على النثر الأدبي الخالص من القصص وما يتصل به، بل إنه يتجاوز ذلك إلى البحوث الأدبية وما تخرجه مصر في النقد الأدبي، بل حتى ما تخرجه من مجلات وصحف، فصحفها وآثارها تقرأ في الشام والعراق وغيرهما من البلدان العربية، وكان يحسن -بجانب ذلك- أن تهتم مصر بما تنتجه هذه البلدان، ولكن هذا الاهتمام الآن قاصر، فأنت لا تكاد تجد شيئًا عندنا لمجموعة أدباء العراق، والشام وهم كثيرون، وبينهم الممتازون الذين يحسن أن تقرأ آثارهم، ومع ذلك فقلما تجد من يعنى بهم بيننا، وكأنما شغل المصريين استيراد النماذج الأوربية، وألهاهم ذلك عن الاهتمام بنماذج إخوانهم في البلدان العربية.
ومهما يكن، فإن مصر تنبعث في الآن نهضة أدبية واسعة، وإنها لأوسع من أن نعرض لها في هذه الخاتمة القصيرة بشيء من الاستيعاب والتفصيل.
على أنه ينبغي أن نلاحظ أن هذه النهضة، يطبعها طابع من السرعة في الإنتاج الأدبي، وخاصة عند كتاب الصحف المحترفين، وقد أثرت -إلى حد ما- هذه السرعة على الصياغة الفنية للنثر المصري، إذ باعدت بين صناعته "وبين ما كنا نألفه قديمًا من التحبير والتجويد، وحقًا إن كتاب مصر وفقوا في إبعاد السجع والبديع عن النثر، ولكن بعضًا منهم تطرفوا في عدم العناية بأساليبهم، وتنقيح عباراتهم، ولذلك كنت تعثر في آثار هذه الطائفة على أساليب، ثم تصقل ولم تجود، وأيضًا قد تعثر على أساليب كثيرة، نقلت نقلًا من اللغات الأوروبية. ومن المحقق أن هذه السرعة ترجع -في أغلب جوانبها- إلى العامل التجاري، فالأديب يخرج الأثر الأدبي، ثم يرى أنه لو تأنى ما استطاع أن يظفر بريح آخر إلا بعد مدد طويلة، فهو يعدل عن التأني والتمهل، ويتعجل في إصدار آثاره، غير مهتم بالتجويد الواسع، وقد يكون من دوافع ذلك أن الجمهور القارئ لا يعرف التجويد الفني منه إلا الأقلون عددًا، فيعتمد بعض الكتاب على ذلك، ويخرجون آثارهم من قصص وغير