جميعًا، وأقبلت بعد القندال موجة جديدة جرمانية هي موجة القوط، وتم لها الغلب على الموجة القديمة موجة القندال، وحكمت البلاد من القرن الخامس الميلادي، حتى فتحها موسى بن نصير في أواخر القرن السابع "عام 92هـ".
وكان جيش موسى مؤلفًا من العرب والبربر، إلا أن البربر كانوا أكثر نفرًا، ولما سمع العرب، والبربر جميعًا بخصب الأندلس، وما فيها من كنوز، ومعادن أكثروا من الرحلة إليها، وقد رحلوا ومعهم خصوماتهم التي نعرفها بين القيسية واليمنية، وأضافوا إليها خصومات أخرى، كانت تنشأ دائمًا بين العرب والبربر، وليست هذه الخصومات هي كل ما في الأندلس، فقد كانت هناك خصومات أخرى دائمة بين الجيوش النازحة من العرب، والبربر وبين سكان البلد الأصليين، ومن المعروف أن العرب تسامحوا في إسبانيا مع سكانها، وكان من نتيجة هذا التسامح أن ظل للمسيحيين هناك نظام خاص في تقاضيهم ومعاملاتهم، وبذلك كان لهم برزوهم في الهيئة الاجتماعية، بل لقد كانت بعض البلاد -وخاصة الشمالية- مسيحية خاصلة، مما ساعد على قيام الفتن الدائمة بين المسيحيين والمسلمين، وكان كثير من الشبان المسيحيين يستشهدون في سبيل دينهم بصور فدائية مختلفة، كأن يذهبوا إلى المسجد الجامع، فيسبوا الدين الإسلامي!
وقد عرض "دوزي" في كتابه "تاريخ مسلمي إسبانيا" لهذه الظاهرة.
وقد كانت الأندلس في العهد الأموي يحكمها ولاة مختلفون، حتى إذا قامت الدولة العباسية، رأينا عبد الرحمن الداخل يفر إليه، ويؤسس بها دولة أموية تعتبر امتدادًا لدولة الأمويين في المشرق، تلك الدولة التي قوضها العباسيون، وقد سمى أبو جعفر المنصور عبد الرحمن باسم صقر قريش، وهو جدير بهذه التسمية، فقد استطاع أن يقيم لنفسه هناك دولة استمرت في أبنائه، وأحفاده من عام 138هـ إلى عام 422هـ، وكان عهد عبد الرحمن الناصر "300-350هـ"، من أزهى عهود هذه الدولة، وكذلك عهد ابنه الحكم "350-366هـ"، وعهد الوزير المشهور: المنصور بن أبي عامر المتوفى عام 392هـ، ولكنا لا نترك هذه العهود كلها إلى القرن الخامس، حتى تضعف الدولة وتختل،