ويقول بشر بن أبي خازم1:

وكنا إذا قلنا: هوازن أقبلي ... إلى الرشد لم يأت السداد خطيبها

وتتردد في كتاب البيان والتبيين للجاحظ وغيره من كتب الأدب أسماء طائفة كبيرة من خطباء الجاهلية الذين اشتهروا بالفصاحة، ووضوح الدلالة والبيان عما في أنفسهم، مما جعل الأسماع والقلوب تهش إليهم، ويعظم في الناس خطرهم، ويشيع في الآفاق ذكرهم، وكانوا ينتشرون في الجزيرة بمكة، والمدينة وما وراءهما من قبائل البادية، أما مكة فقد كانت بها دار الندوة، وهي أشبه بمجلس شيوخ مصغر، كان يجتمع فيها سادة العشائر القرشية يتشاورون في أمورهم، وفي أثناء ذلك يخطبون ويتحاورون2، ومن خطبائهم المفوهين عتبة بن ربيعة، وهو خطيب قريش يوم بدر، ومن خطبائها سهيل بن عمرو الأعلم، وهو الذي قال فيه عمر النبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله انزع ثنيتيه السفليين حتى يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، فقال الرسول عليه السلام: "لا أمثل فيمثل الله بي، وإن كنت نبيا، دعه يا عمر فعسى أن يقوم مقاما تحمده" 3. وقد أسلم وحسن إسلامه، وكانت له مواقف محمودة. ولقريش أيضا خطباء كان ينفر إليهم العرب أمثال هاشم وأمية4، ونفيل ابن عبد العزى جد عمر بن الخطاب، وإليه نفر عبد المطلب بن هاشم، وحرب بن أمية5. وأما المدينة فذكر الجاحظ من خطبائها قيس بن الشماس، وثابت ابنه خطيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وسعد بن الربيع، وهو الذي اعترضت ابنته الرسول صلوات الله عليه، فقال لها: "من أنت؟ فقالت: ابنة الخطيب النقيب الشهيد سعد بن الربيع" 6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015