وقد لبى الدعوة البيروني والخمار والعراق، ورفضها ابن سينا وأبو سهل المسيحي. وغير محمود الغزنوي من ملوك السامانيين الذين سبقوا دولته، وملوك البويهيين والزياريين، والخوارزميين كانوا يعنون هذه العناية بحشد العلماء والأدباء في بلاطهم وحو قصورهم، وكان ذلك كله مبعث نهضة أدبية لا نغلو إذا قلنا: إنها -من وجهة الكتابة والصناعة الديوانية- تعلو على كل نهضة سبقتها في هذا الجانب، وتتفوق على كل حركة تقدمتها، إذ أترف الذوق الكتابي لهذا العصر بسبب ترف الملوك، والأمراء الذين كانوا يقومون عليه، وأصبحنا نجد أساس البلاغة أن تكون حلية وزينة، فهي تستخدم استخدامًا زخرفيًا، تستخدم كأجاة من أدوات الترف والزينة، وكل أمير يفخر بما حصل عليه من هذه الأدوات والطرف الزخرفية، وبذلك يصل مذهب التصنيع إلى الغاية التي كان يرنو إليها منذ القرن الثاني، وهي غاية كلها زخرف وتصنيع، وسنقف قليلًا عند أهم كاتب أثر في هذا الجانب، وهو ابن العميد كاتب البويهيين، فهو يعتر أستاذ المذهب الذي خطا به نحو هذه الغاية من التجميل والزينة، وعلى مثاله كان يحتذي الكتاب في عصره، وبعد عصره.