ماوية1، وكأن بطنه قبطية2، وكأن لسانه ورقة، وكأن أنفه حد سيف، وكأن حاجبة خط بقلم، وكأنه لونه الذهب، وكأن عوارضه البرد، وكأنه فاه خاتم؛ وكأن جبينه هلال ولهو أطهر من الماء، وأرق طباعًا من الهواء، ولهو أمضى من السيل، وأهدى من النجم، لكان في ذلك البرهان النير، والدليل البين، وكيف لا يكون كذلك وأنت الغاية في كل فضل، والنهاية في كل شكل، وأما قول الشاعر:

يزيدك وجهه حسنًا ... إذا ما زدته نظرًا

وقول الدمشقيين: "ما تأملنا قط تأليف مسجدنا، وتركيب محرابنا وقبة مصلانا إلا أثار لنا التأمل، واستخرج لنا التفرس غرائب حسن لم نعرفها، وعجائب صنعة لم نقف عليها، وما ندري أجوهر مقطعاته أكرم في الجواهر، أم تنضيد أجزائه في تنضيدات الأجزاء". فإن ذلك معنى مسروق مني في وصفك، ومأخوذ من كتبي في مدحك.. ومن يطمع في عيبك، بل من يطمع في قدرك، وكيف وقد أصبحت وما على ظهرها خود3 إلا وهي تتعثَّر باسمك، ولا قينة إلا وهي تغني بمدحك، ولا فتاة إلا وهي تشكو تباريح حبك، ولا محجوبة إلا وهي تثقب الخروق لممرك، ولا عجوز إلا وهي تدعو لك، ولا غيور إلا وقد شقى بك، فكم من كبد حرى منضجة ومصدوعة مفرثة4، وكم من حشا خافق وقلب هائم، وكم من عين ساهرة وأخرى جاهدة، وأخرى باكية، وكم من عبرى مولهة، وفتاة معذبة -قد أقرح قلبها الحزن، وأجهد عينها الكمد- قد استبدلت بالحلى العطلة، وبالأنس الوحشة، وبالتكحيل المرة5 فأصحبت والهة مبهوته، وهائمة مجهودة بعد طرف ناصع، وسن ضاحك، وشكل ساحر، وبعد أن كانت نارًا تتوقد، وشعلة تتوهج ... وما ندري في أي الحالين أجمل، وفي أي المنزلتين أنت أكمل: إذا فرقنانك أو إذا جمعناك، وإذا ذركرنا كلك، أو إذا تأملنا بعضك، فأما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015