قال: يا أبا عثمان! إنه لبأ وغلظه هو الليل وركوده، ثم ليلة مطر ورطوبة، وأنت رجل قد طعنت في السن، ولم تزل تشكو من الفالج طرفا"1. وكما أصيب الجاحظ بالفالج أصيب بالنقرس، ويظهر أن ذلك كان في أواخر حياته، قال المبرد: "دخلت على الجاحظ في آخر أيامه، فقلت له: كيف أنت، قال: كيف يكون من نصفه مفلوج لو خز بالمناشير ما شعر به، ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربه لآلمة"2، ويقال: إن المتوكل وجه في طلبه سنة 247هـ يريد أن يحمل إليه فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بامرئ ليس بطائل، ذي شق مائل ولعاب سائل، وعقل زائر ولون حائل"3. ويروون أن طبيبا عادة فقال له: "اصطلحت الأضداد على جسدي، إن أكلت باردًا أخذ برجلي، وإن أكلت حارا أخذ برأسي"4. وأخيرا وبعد مرض قاس طويل انهالت الكتب على الجاحظ يوما، وهو جالس بينها يقرأ فقضت عليه5، وهكذا ذهب الجاحظ ضحية آثر الأصدقاء وأعزهم لديه6.