كفى بجسمي نحولًا أنني رجل ... لولا مخاطبتي إياك لم ترني
أو يقول الوأواء1:
ولو نصبت رحى بإزاء دمعي ... لكانت من تحدُّرِه تدورُ
أو يقول أبو عثمان الخالدي2:
وأنحلَني بالهجرِ حتى لو أنني ... قذى بين جفني أرمدٍ ما توجَّعا
أو يقول الْخُبْزُأرْزي3:
ذُبتُ من الشوقِ فلو زجّ بي ... في مقلةِ النائمِ لم ينتبِهِ
وكان لي فيما مضى خاتمٌ ... فالآن لو شئت تمنطقتُ به
ونحن لا نرتاب في أن الشعر حين يفضي إلى هذا النوع من المبالغة لا يعبر عن إحساس أو وجدان؛ إنما يعبر عن نوع من السقوط الفني. إذ يذهب الشعراء بعيدًا في تصوراتهم وأفكارهم وكأنهم يجنحون إلى كل إفراط في الشعر، ولكننا ننسى، فقد تركنا القرن الثالث إلى قرون التصنع التي لا بد أن ينحاز شعراؤها إلى كل ما يضيف صعوبة أو غرابة في التعبير.