لنراهم يفخرون بإجادتهم ومهارتهم، يقول كعب بن زهير يخاطب الشماخ وأخاه مزرِّدًا1:

فمن للقوافي شَانَها من يحوكها ... إذا ما ثوى كعب وفوَّز جَرْوَلُ2

كفيتك لا تلقى من الناس واحدًا ... تنخل منها مثلما نتنخَّلُ3

نُثقِّفها حتى تلين متونها ... فيقصر عنها كل ما يتمثَّلُ4

فكعب وجرول أي الْحُطَيئة ينتخلان شعرهما، ويأخذانه بالثقاف والتنقيح، ويجمعان له كل ما يمكن من وسائل التجويد والتحبير، وكذلك كان يصنع صنيعهما الشماخ ومزرد الذي رد على كعب يقول5:

فإن تَخْشِبَا أخشب وإن تتنخَّلا ... وإن كنت أفتى منكما أتنخَّل6

وإن الباحث يشعر كأن هذا التنخل من عمل الشعراء جميعًا؛ فهم مشتركون في الإجادة، بل هم يجدون أي صعوبة في عملهم الفني، ولعل ذلك ما جعل الحطيئة يقول7:

الشعر صعب وطويل سُلَّمه ... إذ ارتقى فيه الذي لا يعلمه

زلَّت به إلى الحضيض قدمُه ... يريد أن يعربه فيُعْجِمه

وليس من شك في أن الحطيئة والشعراء من حوله كانوا يلقون عنتًا شديدًا في رقي هذا السلم الذي كان يستلزم منهم جهدًا فنيًّا خاص. حتى يستطيعوا أن يبلوا الشأو الذي يريدونه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015