الخاتمة

والآن - أخي القارئ - هذا أوان ختام هذه الصفحات، التي أردت بتسطيرها أن تكون لَبِنة في صرح الحقيقة المُرَّة، تلك الحقيقة التي ما انفكت تتلبس لأمتنا بلَبُوس خادع؛ وتتشكل لها في صور متعددة، وتتقرب إليها بأسماء محببَّة برَّاقة؛ فمَن من أهل الإنصاف لا يحث على تجسد الإبداع الإنساني الفذِّ بصورة (الفن) ؟! ومن منهم يجرؤ أن يستخف بإمكانات الشباب الواصلة بهم إلى مراتب النجوم؟! فهذا نحَّات مبدع، وآخر ممثل معجزة، وثالث مغن عندليب، وذاك شاعر عقمت النساء أن يلدن بمثله، وتلك مغنية تشدو بما يشبه رنيم الملائكة - بزعمهم -، وأخرى قد تسنَّمَتْ سُدَّة الإعلان المسموع والمرئي، فلم يَفُتْها الترويجُ لمنتَجُ، كما يسعى لاسترضاء خاطرها كلُّ منتِج، كل ذلك وغيره قد انحطّ على رؤوسنا سيلاً جارفًا باسم (الفن) !!

حقًا، لقد شوّه هؤلاء المتصدِّرون - زورًا - للفن، تلك المواهب التي أودعها الله الإنسانَ، فأعملوا فيها معاول الهدم، مستخفِّين بها، مستَخْفين دومًا بستار الحداثة والتجديد؛ ففي كل عَقْد من الزمن ثمة جيل جديد يتحتم عليه نبذ ما كان عليه آباؤهم من أثارة من علم أو بقية من فضيلة، حتى رأينا - بفضل هذا الفن المزعوم - أجيالاً من الشباب قد تعاقبت، لا همَّ لأحدهم سوى التنكر لكل ما كان قديمًا، ولو كان ذلك السابق الفضيلةَ بعينها أو الحكمة بروحها! فلا تلفى أحدَهم بعدها إلا متلقفًا لأخبار أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015