وقال أبو عمرو الجاحظ في كتاب الياقوتة إن بعض الشيعة أنشد أبا مخلد قول السيد:
أقسم بالله وآلائه ... المرء عما قال مسئول
أن علي بن أبي طالب ... على الهدى والمبر مجبول
وأنه كان الإمام الذي ... له على الأمة تفضيل
كان إذا الحرب مرتها القنا ... وأحجمت عنها البهاليل
يمشي إلى الروع وفي كفه ... أبيض ماضي الحد مصقول
مشى العفرني بين أشباله ... أضجره للقنص الغيل1
ذاك الذي سلم في ليله ... عليه ميكال وجبريل
ميكال في الألف وجبريل في ... ألف ويتلوهم إسرافيل
في يوم بدر بددا كلهم ... كأنهم طير أبابيل2
تقال أبو مخلد في هذا: إن الشاعر لم يمدح صاحبك، وإنما هجاه في موضعين: أحدهما أنه زعم أن عليا مجبول على البر والهدى، ومن جبل على أمر لم يمدح عليه؛ لأنه لم يكتسبه بسعيه.
والثاني: أنه زعم أنه أيد في حروبه بالملائكة، ولا فضيلة له إذًا في الظفر؛ لأن أباحية النميري3، لو أيده هؤلاء لقهر الأعداء وغلبهم.