كنا نعجب منه ونستظرفه، حتى وصل إلينا هذا هذا الكتاب، فقلنا إنه فوق كل ذي علم عليم.
ولو أخذنا تناقضه في هذا لأطلنا كما أطال، وسمجنا كما سمج.
ومتى يتسع الوقت لمناقضة هذه التكلفات القبيحة؟ ولكنا قد نكلمه. في بعض المواضع منها لكيلا يخلو كتابنا هذا عن مجادلته في هذا الفن بالكلية، فنقول له: لم قلت إن الضوء نور وزيادة؟ أمن كتب اللغة أخذت هذا؟ أم من غيرها؟ فقد تصفحنا كتب اللغة فلم نجد ما نشاهده بما ذكرت، ولا الاصطلاح مساعدا لك في عرف الناس ومواضعاتهم.
وإذا لم يكن موجودا في أصل اللغة ولا الاصطلاح العرفي لم يجز لك أن تحمل كلام الله تعالى عليه وتفسره به.
وقد قال ابن السكيت في كتاب إصلاح المنطق -وهو عين الكتب اللغوية، ومصنفه إمام الناس كلهم في اللغة، ومن لا يختلف اثنان في كتبه- في باب فعل وفعل باختلاف المعنى: النير علم الثوب والنور الضياء شيئا واحدا.
وليس في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} 1 ما يدل على اختلاف المعنيين، ولا قوله: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} 2 ما يدل على اختلاف المعنيين.