سهرت لبرق من ديار ربيعة ... ولم أك للبرق اللموع بساهر
قال: كأن الصمة القشيري في شعره لم يأت بالتجريد الحقيقي، لعوده بعد أبيات عن كاف الخطاب، فالحيص بيص مثله.
81- قال المصنف: وقد قال أبو علي الفارسي رحمه الله إن العرب كانت تعتقد في الإنسان معنى كامنا فيه، كأنه حقيقته ومحصوله، فتخرج ذلك المعنى إلى ألفاظها مجردا من الإنسان، كأنه غيره، وهو هو بعينه، نحو قولهم: لئن لقيت فلانا لتلقين منه الأسد، ولئن سألته لتسألن منه البحر، وهو بعينه الأسد والبحر، لا أن هناك شيئا منفصلا عنه ومتميزا منه.
وهذا ليس بتجريد، بل هو تشبيه مضمر الأداة، وتقديره لتسألن منه كالبحر، ولتلقين منه كالأسد، وليس هو من التجريد المشار إليه في الأبيات الشعرية، ولا حقيقة التجريد موجودة فيه1.
أقول إن الحد الذي حد هذا الرجل التجريد به لم يأت فيه نص من كتاب الله تعالى، ولا ورد عن رسول الله، وإنما هو حد اختاره هو، وفسر التجريد به، فإنه حجر على أبي علي رحمه الله أن يجعل التجريد شيئا آخر. ومعلوم أن هذه الاصطلاحات والمواصفات موكولة إلى آراء العقلاء واختياراتهم، فأبو علي