قال: ليس الأمر كذلك، فإنها لو قبحت لطولها، لقبح قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّه} 1، وقوله سبحانه: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْض} 2 فإن إحداهما تسعة أحرف، والأخرى عشة أحرف3.
أقول: ألست قلت في باب المعاظلة إنهما مما وقع الإجماع على قبحه، وقلت إنها لتكرير الحروف، ومثلت لها بقول القائل:
"جنى جنات وجنات الحبيب"
وقولهم:
"وليس قرب قبر حرب قبر"4
فلقائل أن يقول لك: قد ورد في القرآن الكريم مثل ذلك وهو قوله تعالى: {بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} 5.
فهذه ميمات كثيرة يتلو بعضها بعضا، فإما أن يكون استعمالها في القرآن غير مستحسن، أو يكون مستحسنا، فإن لم يكن مستحسنا مع أنها قد استعملت، فاختزلا بن سنان أن تكون الكلمة الطويلة كقوله: "ليستخلفنهم" غير مستحسنة، وقد استعملت، وإن كانت المغالطة قبيحة إلا في القرآن الكريم،