واستقرائها، وتصفحها واستبرائها، ومشاهدة مزروعها وضياعها ورساتيقها1 وبقاعها ومحاويلها وأعمدتها ونواحيها وأكرتها2، ليحصل عنده صورها وأشكالها، ويثبت في ذهنه هيئتها وخيالها، ولا يقنع بالأخبار والسماع، والتعويل على ما في المطالعات والرقاع.
فليس الخبر كالعيان، ولا التقليد كالبرهان، ومن عول على سماع الأقوال، واكتفى بها عن مشاهدة الأحوال، قصرت بنانه عند المطاولة، وأفحم لسانه عند المجادلة، وكان منقطع المادة، محتاجا لنقصه إلى التمام والزيادة.
وليواصل الحركة التي يدرك بها ما بعد من أعماله ونأى، كإدراكه ما قرب إليه ودنا، بحيث يكون كل عامل من عماله، ومتقدم من أكرته ورجاله، لا يأمن هجومه على غرة وقدومه على فترة فتكون عماله كلها آخذة أهبتها لابسة زينتها، منتظرة طلوعه عليها، مرتقبة وصوله إليها، فلا يزال الاجتهاد فيها بين المنار، ظاهر الآثار".
هذا المعنى ينظر إلى قول "بنت" المنتشر بن "وهب" الباهلي3 في قصيدتها المشهورة: