الناس عن هذا الشعر الذي يتضمن ذكر الجد والحظ فلم يذكروه، ولم يجعلوه متوسطا بين المدح والذم، وقالوا ذلك في كافور لما حدث تغيره مع أبي الطيب، وانحراف كل منهما عن صاحبه، ومجاهرة أبي الطيب له بالهجاء بعد أن فارقه.

ثم زاد الفكرة تأكيدا بأمثلة من شعراء آخرين.

د- قال ابن الأثير في تفسير بيت أبي صخر الهذلي:

عجبت لسعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر

إنه يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما أنه أراد بسعي الدهر سرعة تقضي الأوقات مدة الوصال، فلما انقضى الوصل عاد الدهر إلى حالته الأولى في السكون والبطء.

والآخر أنه أراد بسعي الدهر سعي أهل الدهر بالنمائم والوشايات، فلما انقضى ما كان بينهما من الوصل سكنوا وتركوا السعاية.

فعلق ابن أبي الحديد بقوله: التفسير الثاني هو الصحيح، والأول غير صحيح، واللفظ لا يحتمله، وفي البيت ما يمنع منه؛ لأنه قال "بيني وبينها" وهذه اللفظة تمنع من أن يريد سرعة تقضي الزمان أيام وصالنا، فإنها قرينة تحمل لفظ السعي على العناية والنميمة بالشر، لا على السعي بمعنى الحركة والسير.

ألا تراهم يقولون سعي فلان بين فلان وفلان بالشر، أي ضرب بينهم، وحمل بعضهم على بعض، ولا يقولون سعى بينهم من السعي بمعنى الحركة والسير؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015