درجة خاصة من الأهمية في إسلام شمال أفريقيا. وكانوا مشبوهين في نظر الوطنيين هناك لسببين: الأول هو الظن بأن الفرنسيين يستخدموهم لإبقاء الأهالي في حالة الاستكانة والجهل، والثاني هو أنهم كانوا يدعون إلى التقاعس في شؤون هذا العالم، مما يتنافى مع رغبة الوطنيين في إثارة الهمم واستخدامها للفوز بالاستقلال وإعادة بناء المجتمع.

وقد وضع عدد من كتاب أفريقيا الشمالية، المتأثرين بمحمد عبده، مؤلفات تشرح نظرة في الإسلام شبيهة بنظرته. فدافع الثعالبي عن روح القرآن المتحررة في كتاب وضعه باللغة الفرنسية مع بعض المساعدة (67)؛ كما عكف الطاهر الحداد، في العشرينيات، على دراسة وضع المرأة في الشريعة الإسلامية والمجتمع الإسلامي، صدرت في كتاب يذكرنا بمؤلفات قاسم أمين (68). وبعد الحرب العالمية الثانية، أثار عدد من الكتاب، مجددًا، قضية ما هو الإسلام الحقيقي وما هو مركزه في المجتمع الحديث. فزعم محجوب بن ميلاد التونسي أن التراث الإسلامي الحقيقي إنما هو تراث المعتزلة والفلاسفة العقلي (69)، كما نقد علال الفاسي، زعيم حزب الاستقلال المغربي، الفكر الإسلامي والمجتمع الإسلامي ووضع مخططًا للإصلاح، وذلك في كتاب يكشف عنوانه عن محتواه، دعاه «النقد الذاتي». ففيه يستهل الفاسي كلامه بتفنيد الاتجاهات الفكرية الخاطئة حول القضايا الدينية والاجتماعية، وبتحديد الاتجاه الصحيح. وهو يشرح، بنوع خاص، ما يجب أن نفهمه بالأمة، فيقول إن الأمة تنشأ عن العلاقة القائمة بين أرض معينة والشعب القاطن فيها؛ وعلى هذا فهناك أمة مغربية (شمالي أفريقية) قائمة بذاتها، كونتها طبيعة الأرض والماضي، ولا يمكن فصل حياتها القومية عن تعاليم الإسلام. وما التفكير في فصل الدين عن المجتمع وفي إقامة الدولة العلمانية إلا من نتاج المسيحية واختبار أوروبا، وهو تفكير لا يمكن أن يظهر في المجتمع الإسلامي، وليس من حاجة لظهوره فيه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015