الاسم بمعناه الأوسع)؛ إلا أن المطالبة بتوحيد جميع العرب كانت تتضمن المطالبة بإعادة توحيد سوريا الجغرافية، على غرار ما كانت عليه (في كل النواحي ما عدا الناحية السياسية) قبل تقسيم البلدان العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

ليست القومية نظامًا فكريًا، بل فكرة منفردة، لا تكفي بحد ذاتها لتنظيم حياة المجتمع بأسرها. لكنها فكرة فعالة، فكرة من ذلك النوع الذي يقوم بدور مركز الجاذبية بالنسبة إلى الأفكار الأخرى. وعلى هذا، فقد نشأت، في الحقبة التي كانت موضوع بحثنا، وضمن إطار القومية، مجموعة من الأفكار حول طبيعة الإنسان وحياته في المجتمع. وقد رأينا كيف تكونت هذه الأفكار من تضافر عناصر مختلفة تحدرت من ينبوعين: الأول، العلمانية الليبرالية التي تميزت بها إنكلترا وفرنسا في القرن التاسع عشر، والتي كان استيعابها وقبولها مباشرًا. وكان أول من عبر عنها في اللغة العربية بطرس البستاني وأتباع مدرسته، ثم أخذها عنهم لطفي السيد ومدرسة القوميين المصريين التي أنشأها. كان هذا الاتجاه علمانيًا، بمعنى أنه كان يؤمن بأن المجتمع والدين يزدهران كلاهما الازدهار الأفضل عندما تكون السلطة المدنية منفصلة عن السلطة الدينية، فتتصرف وفقًا لمقتضيات خير البشر في هذا العالم. وكان اتجاهًا ليبراليًا، بمعنى أنه ارتكز إلى أن قوام خير المجتمع إنما هو خير الأفراد، وأن واجب الحكومة إنما هو حماية الحرية، وبنوع خاص حرية الفرد في تحقيق ذاته، وبالتالي في إنشاء المدنية الحقيقية. أما الينبوع الثاني، فكان حركة الإصلاح الإسلامية التي صاغ مفاهيمها محمد عبده ورشيد رضا. كانت هذه الحركة إسلامية، لأنها قامت على إعادة تأكيد حقيقية الإسلام الفريدة الكاملة؛ وكانت إصلاحية، لأنها استهدفت إحياء ما كانت تعتبره العناصر المهملة في التراث الإسلامي. غير أن عملية هذا الإحياء قد تمت تحت تأثير الفكر الليبرالي الأوروبي، فأدت تدريجًا إلى تفسير جديد للمفاهيم الإسلامية بغية جعلها معادلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015