علما بالعدم، ولا يجوز الاعتماد على الاستصحاب إلا إذا قطع المستدل بعدم الناقل، كالقطع ببقاء شريعة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم، وقد قدمنا الكلام على أقسام الاستصحاب، فارجع إليه.

الرابع: اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم ومعاملاتهم كلها على البطلان حتى يقوم دليل على الصحة، فإذا لم يقم عندهم دليل، استصحبوا بطلانه، فأفسدوا كثيرا من معاملات الناس وعقودهم وشروطهم بدون برهان من الله بناء على هذا الأصل الذي أصلوه، وجمهور أهل الاجتهاد على خلاف هذا، وأن الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما أبطله الشرع أو نهى عنه، ولا شك أن حكمهم بالبطلان حكم بالحرمة والتأثيم، ومعلوم أنه لا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} 1 فكما أن الأصل في العبادات هو البراءة حتى يقوم دليل على الأمر والتكليف؛ لأن الله لا يعبد إلا بما شرعه على ألسنة رسله، فكذلك الصلة في المعاملات الصحة حتى يقوم دليل على خلافها؛ لأن البطلان والتأثيم تكليف واستبعاد، والأصل انتفاؤه إلى أن يرد شرعه على لسان رسوله، فإذا لم يرد، فهو من قسم ما سكت عنه رحمة منه تعالى غير نسيان كما تقدم في الحديث، كيف والله صرح بأنها على الإباحة فقال: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} 2 وفي السنن مرفوعا "المسلمون عند شروطهم" 3 وأما حديث "كل شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل وإن شرط مائة شرط" 4 فمراده بكتاب الله حكمه، كقوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} بدليل أن الحديث في الولاء، وكون الولاء لمن أعتق ليس هو في القرآن، وإنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015