والفضل له إجماعًا، وقد حاز الفضل المبين في حديث: "من سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" 1.
قال مالك: عرضتها على سبعين من فقهاء المدينة فواطئوني عليها. فمالك له المزية العظمى على العلوم الإسلامية عمومًا, وعلى الفقه خصوصًا بموطئه هذا, فجرزاه الله خيرًا.
وله غير الموطأ تآليف بطرق صحاح دلَّت على باعه وكمال اطلاعه, لكن لم يقع لها من الشهرة والإقبال والتواتر ما وقع للموطأ, التي قال فيها الشافعي: إنها أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى, فجزى الله مالكًا خيرًا.
وكانت له مشاركة في علوم كثيرة الحديث والفقه, فقد ألَّف في علم الأوقات والنجوم، وفي التفسير، وغيره، ذكر في الديباج نقلًا عن المدراك، كل ذلك يدل على سعة مدارك الإمام مالك -رحمه الله.
وهو من معجزات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المبشّر به في حديث الترمذي وغيره: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم, فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة" قال الترمذي: حديث حسن2, وصححه عياض في المدارك واستقصى ألفاظه وطرقه فانظره، قال عبد الرزاق كما رواه الترمذي: إنه مالك بن انس، وكذاك قال ابن عيينة عنه: إنه عبيد الله بن عبد الله العمري3، وقال ابن جريج: إنه مالك بن أنس، وهؤلاء كلهم معاصرون لمالك إلّا عبد الرزاق فتلميذه:
ومليحة شهدت لها ضراتها ... والفضل ما شهدت به الأقران
قال الشافعي: قال لي محمد بن الحسن: إيهما أعلم صاحبنا أم صاحبكم؟ يعني: أبا حنيفة ومالكًا.