ثم إن حكم الحاكم المسلم بين أهل الكتاب فيه تفصيل عند المالكية، وذلك أن خمسة مسائل لا يحكم فيها بحال جمعها أبو العباس بن القاضي في قوله:

لا حكم بين الكافرين بخمسة ... بل يرفعون بها إلى الكفار

وهي النكاح وضده ثم الزنى ... والخمر زد هبة من الفجار

وأما التظالم فيما بينهم عدا الميراث، فإنه يحكم بينهم، ويمنعون من الظلم، أحبوا أم كرهوا، كما قاله ابن مرزوق في شرح المختصر، وأما الإرث وبقية الأحكام غير التظالم، فإن الإمام بين الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا إن لم يمتنع بعضهم، فإن امتنع، رفعوا إلى حكامهم من أهل الكتاب.

قال مالك: وأحب إلي ألا يحكم بينهم، أي لقوله تعالى: {وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} 1 فاشترط القسط وإصابته شاقة. فترك الحكم الذي لا مضرة معه أسلم.

وهذا ما لم يسلم بعضهم فإن أسلم حكم بينهم بحكم الإسلام، وإلى هذا أشار خليل بقوله في باب الفرائض: وحكم بين الكفار بحكم المسلم إن لم يأب بعض إلا أن يسلم بعضهم، فكذلك إن لم يكونوا كتابيين وإلا فبحكمهم. انظر شراحه هكذا ينبغي تحرير هذه المسألة لا كما وقع في السؤال.

وأما الحنفية فأهل الذمة عندهم محمولون في البيوع والمواريث وسائر العقود على أحكام المسلمين بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم ألزم أهل نجران بترك الربا أو ينبذ عهدهم، وكذا الحدود إلا أنهم لا يحكمون بالرجم لعدم توفر شروط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015