ثم يقول: "الفرنسيون حتى القرن الثامن عشر كانت لهم أخلاق فاضلة: قوامها الترابط وعدم الانحلال، حتى ظهر فولتير وروسو، وسخرا من الدين والإله، فبدأ التحلل على أشده, وآراؤهما هي التي أضرمت نار الثورة الفرنسية وأفسدت أخلاق الكثير من أبنائها، فاختلفت بها المشارب وتتابعت المذاهب، وقام على مذهب فولتير وروسو مذهب الـ"كومن"Common "الاشتراكية" ولو تدارك الأمر أرباب العقائد النافعة لنسفت الاشتراكية على أديم فرنسا1، وما صنعه نابليون الأول في إعادة المسيحية لم يجد كثيرا ... كما لم يجد انتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في إعادة الإسلام إلى مجده الأول في الجماعة الإسلامية الأولى.

والأمة العثمانية إنما رقت حالها في الأزمنة الأخيرة بما دب في نفوس بعض عظمائها وأمرائها من وساوس الدهريين، فإن القواد الذين اجترحوا أثم الخيانة في الحرب الأخيرة بينها وبين روسيا -الحرب الروسية التركية 1877-1878م في البلقان- لزحزحة الأتراك كمسلمين عن شبه جزيرة البلقان وبلاد اليونان، كانوا يذهبون مذهب الطبيعيين، وبذلك كانوا يعدون أنفسهم من أبناء الأفكار الجديدة "أبنا العصر"، وربما كانت هذه الأفكار غاية "جمعية الإصلاح والترقي" التي نشأت بعد ذلك، لذلك خان أولئك الأمراء ملتهم مع ما كان لهم من الرتب الجليلة، ورضوا بالدنية، واستناموا إلى الخسة، ونسفوا بيت الشرف العثماني، وجلبوا المذلة على شعوبهم بعرض من الحطام قليل"2.

والسوشيالست "الاجتماعيون أو الاشتراكيون" والنيلست3، "العدميون"؛ والكوميونست "الشيوعيون" غايتهم جميعا رفع الامتيازات الإنسانية كافة, وإباحة الكل للكل، واشتراك الكل في الكل.. وجميعهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015