وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ مَا أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ , أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ , نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , حَدَّثَنِي أَبِي , نا قُتَيْبَةُ , نا ابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ واهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ فِي إِحْدَى إِصْبَعِي سَمْنًا , وَفِي الْأُخْرَى عَسَلًا , فَأَنَا أَلْعَقُهُمَا , فَلَمَّا أَصْبَحْتُ , ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " تَقْرَأُ الْكِتَابَيْنِ: التَّوْرَاةَ وَالْفُرْقَانَ " فَكَانَ يَقْرَأْهُمَا فَكَانَتْ عِبَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةَ فِي السَّمْنِ وَالْعَسَلِ , أَنَّهُمَا لِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , مِنْ أَصْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , وَكَانَتْ عِبَارَةُ أَبِي بَكْرٍ فِي حَدِيثِ الظُّلَّةِ أَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ , فَكَانَ الْخَطَأُ الَّذِي فِي ذِكْرِ الْعِبَارَةِ عِنْدَهُمْ هُوَ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ , فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا أَخْطَأَ فِيهِ , وَكَرَاهَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَسَمَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُخْبِرَهُ إِنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ أَنَّ التَّعْبِيرَ الَّذِي صَوَّبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِهِ وَخَطَّأَهُ فِي بَعْضٍ لَمْ يَكُنْ عَنْ وَحْيِ , لَكِنْ مِنْ جِهَةٍ مَا تُعَبَّرُ الرُّؤْيَا بِالظَّنِّ , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ظَنِّهِ كَسَائِرِ الْبَشَرِ فِي ظُنُونِهِمْ , يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ -[284]- الْخَطَأُ , وَإِنَّمَا الْوَحْيُ الَّذِي كَانَ يُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ , وَلَا يَقَعُ الْخَطَأُ فِيهِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ