المتقدم فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيد عدم الضمان بالعلم، فمتى لم يوجد العلم ضمن.
الحالة الثانية: أن يكون المتطبب جاهلا والمريض يعلم أنه جاهل.
وقداختلف فيها العلماء على قولين:
فذهب أكثر أهل العلم أنه ضامن؛ واحتجوا لذلك بالأدلة السابقة فالله -عَزَّ وجَلَّ- يقول: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} وهذا ظالم، ولكونه أقدم على المعالجة وهو جاهل لا يعلم، وكذلك ما تقدم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
وذهب البعض أنه لا يضمن، واستدل بالحديث المتقدم وفيه قوله: "وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ" (?)، فدل ذلك على أنه إذا كان المريض يعلم حاله فإنه لا ضمان عليه.
والأقرب عندنا في هذه المسألة هو القول الأول، وهو قول الجمهور من أهل العلم.
الحالة الثالثة: أن يكون الطبيب حاذقًا، وقد أذن له وأعطى الصنعة حقها، لكنه أخطأ، وهذه الحالة هي التي يكثر فيها أخطاء الأطباء.
وهذه يقسمها العلماء إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون هناك تعدٍّ أو تفريط من الطبيب.
وضابط التعدي: "فعل ما لا يجوز"؛ كأن يزيد في جرعة المخدر أو في كمية الدواء تهاونًا منه، وضابط التفريط: "ترك ما يجب"، كما لو لم يشخص حالة المريض كما ينبغي.
وحكم هذه الحالة، أي: فيما إذا تعدى أو فرط أنه يضمن بالاتفاق للأدلة السابقة. فقوله تعالى: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193]، فهذا الطبيب ظالم لكونه