الطب: ذلك العمل الإنساني الخطير قد ينتحله بعض من لا يحسنه، وقد يقوم به من لا خلاق له من دين أو خلق، ومن أجل ذلك بين الفقه الإِسلامي الأحكام الصارمة الرادعة لمن يزاوله ولا يتقنه، ومن لا يرعى فيه الحقوق الإنسانية حق رعايتها.
ومن ذلك هذه النازلة التي تكلم عليها العلماء في الزمن السابق، وكذلك تكلم عليها العلماء في الوقت الحاضر، وعقد لها شيء من المؤتمرات والندوات، وكثر فيها الكتابات؛ لأن الطب الآن بسبب كثرة الناس وترقي الاكتشافات الطبية أصبح الناس يحتاجون إليه كثيرًا، وأصبح يرد على عيادة الطبيب كثير من المرضى، وقد يقوم بإجراء عمليات يوميًا أو أسبوعيًّا، فقد يحدث من هؤلاء الأطباء شيء من الأخطاء، فقد تكون هذه الأخطاء مقرونة بالتعدي والتفريط وقد لا تكون كذلك.
والمراد بهذه النازلة (تضمين الطبيب): أي تضمينه ما حصل من تلف تحت يده سواء كان هذا التلف لنفس أو عضو أو منفعة.
ولا تخلو هذه النازلة من أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون المتطبب جاهلًا ولا يعلم المريض بعدم حذقه، وقد يكون الطبيب حاذقًا في مرض غير حاذق في مرض آخر، فيقدم على العلاج في هذا المرض وهو غير حاذق فيه والمريض لا يعلم، فقام بالمداواة فتلف تحت يده نفس أو عضو أو منفعة.
وحكم هذه الحالة أنه يضمن ما أتلفه بالإجماع.
والدليل على ذلك: قول الله -عَزَّ وجَلَّ-: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193]، وهذا ظالم، فكونه يباشر مداواة هذا المرض وهو لا يعلمه يعدُّ ظالمًا، وكذلك الحديث