أحكام ترتبط بنصوص بينة واضحة من الكتاب أو السنة، أو تعتمد على دليل الإجماع.
فهذه الأحكام لا شأن لها بالشورى، ولا يستطيع أحد من الناس أيا كان في مستواه أو علمه أن يغير منها، أو يطور فيها، وإنما وظيفة الحاكم أن يسهر على تنفيذها، كما جاءت بها النصوص، أو كما استقر عليه الإجماع.
أحكام اجتهادية، وهي تنقسم إلي قسمين:
القسم الأول: أحكام مقررة في علم الله تعالى، تستوعبها أدلة التشريع من القرآن، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس، ولكنها خفية تحتاج في استنباطها من أدلتها إلى بحث وجهد، فهذه أحكام تبليغية من الله عز وجل في جملتها وتفصيلها، يبرم في أمرها المجتهدون من علماء المسلمين، سواء كانوا حكاماً أو رعايا.
القسم الثاني: أحكام أنزل الله تعالى كلياتها، ووكل أمر تفاصيلها، وكيفية تطبيقاتها إلي مصلحة المسلمين، وما تقتضيه ظروفهم وأوضاعهم المتطورة، عن طريق ما يراه الحاكم المسلم ببصيرته الواعية، وإخلاصه في خدمة المسلمين.
فهذه الأحكام تسمي أحكام الإمامة، أو أحكام السياسة الشرعية، لا يبرم في شأنها إلا الحاكم المجتهد، وقد مر بك في أول هذا الباب أمثلة لهذه الأحكام.
فالطائفة الثانية بقسميها خاضعة للشورى، بحيث لا يجوز أن يبرم الإمام الحكم في شيء منها إلا بعد الرجوع إلي مشورة نخبة صالحة من علماء المسلمين ومجتهد يهم.
ودليل هذا من القرآن الكريم، قول الله عز وجل لرسوله عليه الصلاة والسلام: {وشاورهم في الأمر} (سورة آل عمران: 159)، وقوله تبارك وتعالى ـ في معرض مدح الجماعة المسلمة ـ: {وأمرهم شوري بينهم} (سورة الشورى: 38).