ينبغي أن يثبت قصاص القتل للواحد على الجماعة إذا صدر من كل منهم من العدوان عليه ما لو انفرد به لكان قاتلاً بحسب الظاهر، لعدم الفرق بين الصورتين.
د - يتعين القصاص من الجميع سداً للذرائع، فإن المعتدي إذا علم أن الشركة في العدوان تنجيه وتنجي المشتركين من القصاص التجأ إليها لإنفاذ جريمته، والفرار بعد ذلك من القصاص.
قال ابن قدامة: ولأن القصاص لو سقط بالاشتراك أدى إلى التسارع إلى القتل به، فيؤدي إلى إسقاط حكمة الردع والزجر.
إذا اجتمع في القتل الواحد المباشرة والسبب، فتارة يقدم السبب على المباشرة فيقتص من المتسبب، وتارة تقدم المباشرة على السبب فيقتص من المباشرة. وقد يستوي السبب والمباشرة، فهذه ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يشهد على الرجل شهود زور بأنه قاتل، فيقتله القاضي، فاعترف الشهود بتعمد الكذب وأنهم شهدوا زوراً، فعليهم القصاص دون القاضي أو الولي إذا باشر القصاص وكان جاهلاً بكذب الشهود. فهنا قدم السبب على المباشرة.
النوع الثاني: غلبة المباشرة على السبب، وذلك كأن يرميه رام من شاهق فيتلقاه آخر بسيف فيقده نصفين، أو يضرب رقبته قبل وصوله إلى الأرض، فالقصاص على القاد، ولا شيء على الملقي سوى التعزيز، سواء عرف الحال أم لم يعرف.
ومثل ذلك إذا أمسكه شخص فقتله آخر، فالقصاص على القاتل، وليس على الممسك قصاص أو دية، وإنما عليه التعزير.
روى الدارقطني [3/ 140] عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر، يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك|.
قال في بلوغ المرام: رجاله ثقات وصححه ابن القطان.