آخر، فالأول هو القاتل، لأنه صيره إلى حالة الموت. ويعزر الثاني لهتكه حرمة الميت، كما لو قطع عضواً من ميت.
ويستدل على ثبوت القصاص في حق الجماعة بقتل شخص واحد بالأدلة الآتية:
أ - روى البخاري تعليقاً، في الديات، باب: إذا أصاب قوم من رجل، هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم؟، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن غلاماً قتل غيلة، فقال عمر رضي الله عنه: (لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم). وفي البخاري في نفس الباب؛ قال مغيرة بن حكيم عن أبيه: إن أربعة قتلوا صبياً، فقال عمر مثله.
ب - روي مالك رحمه الله في الموطأ [2/ 871] عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل نفراً ـ خمسة أو سبعة ـ برجل واحد قتلوه غلية، وقال: (لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاُ).
[قتل غيلة: خديعة ومكراً من غير أن يعلم. تمالأ: اتفق وتواطأ على قتله].
وهناك قصة ذكرها الطحاوي والبيهقي في سبب هذه الأحاديث، وهي أن المغيرة بن حكيم الصنعاني حدث عن أبيه أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها، وترك في حجرها ابنا له من غيرها غلاماً يقال له أصيل، فاتخذت المرأة بعد زوجها خليلاً، فقالت له: إن هذا الغلام يفضحنا فاقتله فأبي، فامتنعت منه فطاوعها، فاجتمع على قتل الغلام الرجل ورجل آخر والمرأة وخادمها، فقتلوه ثم قطعوه أعضاء، وجعلوه في عيبة (وعاء من أدم) فطر حوه في ركية ـ البئر التي لم تطو ـ ليس فيها ماء، فذكر القصة، وفيه فأخذ خليلها فاعترف، ثم اعترف الباقون، فكتب يعلى ـ وهو يومئذ أمير ـ بشأنهم إلى عمر، فكتب إليه عمر بقتلهم جميعاً، قال: والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتهم أجمعين.
جـ - إن حد القذف يثبت للواحد على الجماعة إذا اشتركوا في قذفه، فكذلك