[ومعنى وقعت الحدود: صارت الأرض مقسومة وحددت الأقسام. صرفت الطرق: ميزت وبينت].
وسيأتي خلال البحث احاديث في هذا المعنى.
وما دل عليه الحديث اجمع على العمل به علماء المسلمين في كل عصر.
ان التشريع الاسلامي يهدف الى تحقيق مصالح الناس بجلب النفع له ودفع الضرر عنهم، والمرء قد يكون على وفاق وتعاون مع من كان يشاركه في دار او ارض، وقد يحتاج احد الشريكين الى بيع نصيبه ويكون في ذلك تحقيق مصلحته، فلا يحول الشرع بينه وبين ذلك، وانما يحوط تصرفه وتحقيق نفعه بما لا يضر بشريكه، وانما يصون مصلحته ايضا ويحميه من الضرر الذي قد يلحق به، من جراء البيع الى اجنبي عن الشركاء، فقد يبادر هذا الشريك الجديد الى طلب القسمة، او يكون منه سوء خلق ومعاملة، فيضطرهم الى ذلك اوطلبه فينال شركاءه بذلك ضرر احداث مرافق جديدة ونحو ذلك، ويكلفهم اعباء القسمة ونفقتها، فيحل محل الوئام الشقاق والنزاع بين الجيران، وتفوت المصالح ويكثر الضرر بين الأنام.
ولذا وجه شرع الله عز وجل هذا الراغب ببيع نصيبه ان يعرض هذا اولا على شركائه، فإن رغبوا بشرائه كانوا هم اولى واحق، فإن لم يرغبوا بذلك كان له الحق ان يبيعه لمن يشاء.
فعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له شريك في ربعة او نخل فليس له ان يبيع حتى يؤذن حتى يؤذن شريكه، فإن رضى اخذ وإن كره ترك". (اخرجه مسلم في المساقاة، باب: الشفعة، رقم: 1608).
وعن عمرو بن الشريد رضى الله عنه قال: وقفت على سعد بن ابي وقاص - رضى الله عنه - فجاء المسور بن مخرمة - رضى الله عنه - فوضع يده على احدى منكبي اذ جاء ابو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنه - فقال: يا سعد، ابتع مني بيتي في دارك، فقال سعد: والله لا ازيدك على اربعة الاف منجمة او مقطعة.