لي: على ابنك الرجم، ففديتُ ابني منه بمائة من الغنم ووليدة، ثم سألت أهل العلم فقالوا: إنما على ابنك الجلد مائة وتغريب عام. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " لأقْضيَنَّ بينكما بكتاب الله، أما الوليدةُ والغنمُ فردِّ عليك، وعلى ابنك الجلد مائة وتغريب عام، وأما أنَت يا أُنَسْ ُ- لرجل - فأغْد على امرأة هذا فارْجُمها (رواه البخاري في الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جَوْر فالصلح مردود، رقم: 2549 مسلم في الحدود، باب: مَن اعترف على نفسه بالزنا، رقم: 1697).
(عسيفاً: أجيراً. وليدة: امرأة مملوكة. أهل العلم: الصحابة العلماء رضي الله عنهم).
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: " أما الوليدة والغنم فردّ عليك " دليل صريح في بطلان هذا الصلح الذي جرى على حق من حقوق الله تعالى، والذي مقتضاه تحليل حرّم الله عز وجل، وهذا ما صرّح به البخاري رحمه الله تعالى لترجمته للحديث.
ويقاس على حدّ الزنا جميع الحدود التي تغلب فيها حق الله تعالى، كحدّ السرقة وحدّ القذف، وإن كان فيها حق للعبد، ولكن الغالب حق الله تعالى، وحق العبد مغلوب، والمغلوب تابع للغالب، فلا يلتفت إليه شرعاً.
وكذلك لا يصحّ الصلح على ألا شهد عليه، أي أن يعطيه مالاً كي لا يؤدي الشهادة التي تحمّلها عليه، لأن الشهادة حق الله تعالى، قال جلّ وعلا: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ)
(الطلاق: 2). وقال: (كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ) (النساء: 135).
فالصلح عن هذه الحقوق صلح باطل، ويجب على مَن أخذ المال بدلاً عنها ردّه إلى مَن أخذه منه، لأنه أخذ بغير حق وكسب خبيث، وهو فسوق تردّ به الشهادة عند القاضي إذا علم به.
2 - أن يكون حقاً للمصالح، فإن لم يكن حقاً له لم يصح الصلح، إلا إن كان الصالح عن الذي تحت ولايته وفي حجرة كما علمت.