سواء أكان البدل المصالح عليه عيناً - كدار مثلاً - أم ديناً - كألف دينار مثلاً - فإذا كان ديناً اشترط التقابض في مجلس الصلح، حتى لا يكون دَيْناً بدَيْن.
وتصح المصالحة عن القصاص، سواء أكان في النفس أم فيما دون النفس من ألأعضاء والجراح.
عن أنس رضي الله عنه: أن الرُّبَيّع - وهي ابنة النضر - كسرت ثِنَيّة جارية، فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتُكْسَر ثَنِيِّة الربيع يا رسول الله؟ لا والذي بعث بالحق لا تكسر ثنيتها. فقال: ((يا أنسُ، كتاب الله القصاصَ)). فرضي القوم وعفوا- وفي الرواية وقبلوا الأرش - فقال - صلى الله عليه وسلم - ((إنَّ من عباد الله مَن لو أقْسم على الله لأبَرَّه)) البخاري: الصلح، باب: الصلح في الدية، رقم: 2556. مسلم: القسامة، باب: إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها، رقم: 1675).
[ابنة النضر: أي عمّة أنس بن مالك بن النضر، رضي الله عنه وعن عمّه وعمته. ثنية: هي إحدى السنين التي في مقدّم الأسنان. جارية: امرأة شابة أو بنتاً صغيرة. فطلبوا: أي أهل الجانية. الأرش: أن يصالحوا على أن يدفعوا مالاً يقابل الجناية، القصاص: لكثر سنها. كتاب الله القصاص: أي حكم كتاب الله تعالى يقضي بالقصاص، فكيف تقول ذلك. لأبرَّه: لحقق له ما أقسم عليه كي لا يقع في الإثم، لعلمه بصدقه وإخلاصه).
فلو كان المصالح عنه حقاً من حقوق الله تعالى، كان يصالح زانياً على ما يأخذه منه على أن يرفع أمره إلى القضاء - مثلاً - كي لا يقيم عليه الحد، لم يصح الصلح، لأن الحدّ حق الله تعالى، ولا يصح الاعتياض عن حق الغير على أن الصلح من الحدود صلح يحلّ الحرام فلا يجوز.
عن أبي هريرة رضي الله عنه وزيد بن خالد الجهني رض الله عنهما قالا: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله، فقام خصمه فقال: صدق، أقض بيننا بكتاب الله - وفي راوية وائذن لي - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قل). فقال: إن ابني كان عَسِيفاً على هذا، فزني بامراته، فقالوا