رضاعاً؛ لأنه لا رضاع بعد الفطام، وإن فطم الطفل فأكل أكلاً ضعيفاً لا يستغنى به عن الرضاع، ثم عاد فأرضع، كما يرضع أولاً في الثلاثين شهراً، فهو رضاع محرم، كما يحرم رضاع الصغير الذي لم يفطم، ويحمل الحديث السابق: «لا رضاع بعد فصال» على الفصال المعتاد المتعارف. واستدل للإمامين مالك وأبي حنيفة بقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين، لمن أراد أن يتم الرضاعة} .. {فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور، فلا جناح عليهما} [البقرة:2/ 233] فالآية في نهايتها تدل على أن للوالدين الخيار في فطم الطفل عند تمام الحولين. والتحديد بالحولين في مقدم الآية إنما هو لبيان المدة التي يجوز فيها للأم المطلَّقة أن تأخذ فيها أجراً على الرضاع.
وأجيب عنه بأن الفطام الذي يحتاج إلى المشاورة والتراضي بين الوالدين هو الذي يكون قبل تمام الحولين، فإن استمر الرضاع بعد الحولين لضعف الطفل، فلا مانع منه للحاجة، ولكن لا يترتب عليه أحكامه من التحريم وأخذ الأم المطلقة أجراً عليه.
6 - أن يكون الرضاع خمس رضعات متفرقات فصاعدا ً: وهذا شرط عند الشافعية والحنابلة، والمعتبر في الرضعة العرف، فلو انقطع الطفل عن الرضاع إعراضاً عن الثدي تعدد الرضاع، عملاً بالعرف، ولو انقطع للتنفس أو الاستراحة أو الملل أو الانتقال من ثدي إلى آخر أو من امرأة إلى أخرى أو اللهو أو النومة الخفيفة أو ازدراء ما جمعه من اللبن في فمه، وعاد في الحال، فلا تعدد، بل الكل رضعة واحدة. وإن رضع أقل من خمس رضعات فلا تحريم، وإن شك في عدد الرضعات بني على اليقين؛ لأن الأصل عدم وجود الرضاع المحرم، لكن في حالة الشك الترك أولى، لأنه من الشبهات. واستدلوا بأدلة ثلاثة: