الرضاعة من المجاعة» (?) وعن ابن مسعود: «لا رضاع إلا ما أنشز العظم، وأنبت اللحم» (?).
والتزم الشافعية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد بظاهر هذه الأدلة، فشرطوا أن يكون الرضاع في مدة الحولين الأولين من العمر، بالأشهر القمرية، ولو بعد الفطام؛ لأن حديث «فإنما الرضاعة من المجاعة» يراد به الرضاع الذي يكون في سن المجاعة، كيفما كان الطفل، وهو سن الرضاع، فلو ارتضع الطفل بعدهما بلحظة، ولو بعد فطامه، لم يثبت التحريم؛ لأن شرطه وهو كونه في الحولين لم يوجد، وإن حصل الرضاع في أثناء الحولين، ولو بعد الفطام، ثبت به التحريم؛ لأن الرضاع في وقته عرف محرِّماً في الشرع. ويكون انتهاء الحولين من تمام انفصال الرضيع، فإن ارتضع قبل تمامه لم يؤثر. هذا الرأي هو الراجح لقوة الأدلة التي استندوا إليها.
وأضاف الإمام مالك مدة شهرين على الحولين؛ لأن الطفل قد يحتاج إلى هذه المدة لتحويل غذائه إلى الطعام. لكن إن فطم الولد عن اللبن، واستغنى بالطعام استغناء بيِّناً ولو في الحولين، أو لم يوجد له مرضع في الحولين، فاستغنى بالطعام أكثر من يومين وما أشبههما، فأرضعته امرأة، فلا يحرم، لأن مفهوم الحديث: «فإنما الرضاعة من المجاعة» يدل على أن الطفل غير مفطوم، فإن فطم في بعض الحولين، لم يكن رضاعاً من المجاعة.
وأضاف الإمام أبو حنيفة أيضاً مدة نصف سنة على الحولين، فتكون مدة الرضاعة عنده ثلاثين شهراً، لاحتياج الطفل إلى هذه المدة للتدرج من اللبن إلى الطعام المعتاد، لكن إن استغنى بالفطام عن اللبن استغناء تاماً، لم يكن ذلك