تَأْكِيدَهُ، لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ، إلَّا وَهُمْ ثِقَاتٌ مَقْبُولُو الرِّوَايَةِ عَنْهُ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى إنَّ هَذَا الْخَبَرَ قَدْ تَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ، وَاسْتَفَاضَ، وَاشْتَهَرَ عِنْدَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى رُوَاتِهِ، وَلَا رَدٍّ لَهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ أَكْثَرَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَصِيرَ مُرْسَلًا، وَالْمُرْسَلُ عِنْدَنَا مَقْبُولٌ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرُهُ» . وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنْ «عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا عَمْرُو، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْضِي وَأَنْتَ حَاضِرٌ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَعَلَامَ أَقْضِي؟ قَالَ: إنْ أَصَبْتَ فَلَكَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَإِنْ اجْتَهَدْتَ فَأَخْطَأْتَ فَلَكَ حَسَنَةٌ» وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَقَالَ فِيهِ كَذَلِكَ.
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ» وَلَا يُوصَلُ إلَى مَعْرِفَةِ أَعْلَمِ الْمُتَقَارِبِينَ بِالسُّنَّةِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي «الشَّاكِّ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَكْثَرِ ظَنِّهِ»