وَتَرَكَ الْفَائِتَ حَتَّى قَضَاهُ بَعْدَ فَرَاغِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ، فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا» فَاجْتَهَدَ مُعَاذٌ فِي تَرْكِ الْفَائِتِ فِي اتِّبَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَجَازَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَمْ يُعَنِّفْهُ، وَجَعَلَهُ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَهُ.

فَإِنْ قِيلَ: إنْ صَحَّ هَذَا، فَإِنَّ مُعَاذًا اجْتَهَدَ فِي تَرْكِ النَّصِّ، لِأَنَّ السُّنَّةَ كَانَتْ عِنْدَهُمْ قَضَاءُ الْفَائِتِ، ثُمَّ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ، وَأَنْتُمْ لَا تُجِيزُونَ الِاجْتِهَادَ فِي مُخَالَفَةِ النَّصِّ.

قِيلَ لَهُ: لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَدْ) كَانَ سَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَانَ تَرَكَهُمْ وَمَا فَعَلُوا، لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا. وَكَانَ جَائِزًا أَيْضًا تَرْكُ الْفَائِتِ عِنْدَهُ فَكَانُوا مُخَيَّرِينَ، فَاخْتَارَ مُعَاذٌ اتِّبَاعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْكَ الْفَائِتِ، وَكَانَ وَجْهُ اجْتِهَادِهِ: مَا بَيَّنَ أَنَّهُ مَا كَانَ لِيَجِدَهُ عَلَى حَالٍ لَا يُتَابِعُهُ عَلَيْهَا، فَسَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، وَاسْتَحْسَنَ قَصْدَ مُعَاذٍ فِيهِ، وَتَحَرِّيَهُ لِمُتَابَعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ حَالٍ، فَلَمْ يُصَادِفْ اجْتِهَادُ مُعَاذٍ مُخَالَفَةَ (نَصِّ) النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ سَعْدِ الْقَرَظِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: «أَنَّ بِلَالًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُؤْذِنَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015