فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ» فَلَمْ يُعَنِّفْهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى صَلَاتِهِمْ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، إذْ لَمْ يَكُنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ التَّيَمُّمُ فَصَلَّوْا بِاجْتِهَادِهِمْ كَذَلِكَ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْإِعَادَةِ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ نَجْدَانَ عَنْ «أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: بَدَوْتُ بِالْإِبِلِ فَكُنْتُ أَعْزُبُ عَنْ الْمَاءِ. وَمَعِي أَهْلِي فَتُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ، فَأُصَلِّي بِغَيْرِ طَهُورٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ لَهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ، وَقَالَ: التُّرَابُ كَافِيكَ عَشْرَ حِجَجٍ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَكَ» فَكَانَ يُصَلِّي بِغَيْرِ وُضُوءٍ بِاجْتِهَادِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِعَادَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ اجْتِهَادَهُ فِي فِعْلِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهُورٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ اجْتَهَدَ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَلَا خِلَافَ فِي سُقُوطِ الِاجْتِهَادِ مَعَ النَّصِّ. وَلَمْ يَأْمُرْهُ مَعَ ذَلِكَ بِالْإِعَادَةِ. وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ. فَإِذَا لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، كَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ مَعَ عَدَمِهِ.

قِيلَ لَهُ: لَمْ يَجْتَهِدْ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، لِأَنَّ جَوَازَ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة: 6] ، يَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ وَيَحْتَمِلُ اللَّمْسَ بِالْيَدِ، وَكَانَ عُمَرُ (وَعَبْدُ اللَّهِ) بْنُ مَسْعُودٍ، يَرَيَانِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا: اللَّمْسُ بِالْيَدِ، وَكَانَا لَا يَرَيَانِ التَّيَمُّمَ لِلْجُنُبِ. وَكَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولَانِ: الْمُرَادُ بِهَا الْجِمَاعُ. وَيَرَيَانِ لِلْجُنُبِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015