فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهَا لِأَجْلِ الْحَمْلِ. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا، لِأَنَّ ظُهُورَ الْحَمْلِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ، فَعَلِمْنَا أَنَّ مَا كَانَ ثَابِتًا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْحَمْلِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: لَوْلَا مُعَاذٌ هَلَكَ عُمَرُ. قِيلَ لَهُ: عَنَى لَوْلَا إخْبَارُهُ إيَّاهُ أَنَّهَا حُبْلَى لَرَجَمَهَا، فَيَتْلَفُ وَلَدُهَا، كَمَا يَقُولُ مَنْ جَرَى عَلَى يَدِهِ قَتْلُ رَجُلٍ خَطَأً: فَقَدْ هَلَكْتُ، وَهُوَ لَمْ يَأْثَمْ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُهُ اسْتِعْظَامًا لِمِثْلِ هَذَا. وَنَحْوُهُ قَوْله تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] ، فَعُلِمَ أَنَّ الثُّلُثَيْنِ لِلْأَبِ (وَنَحْوُ) قَوْله تَعَالَى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] . فَدَلَّ حِينَ وَعَظَهَا فِي تَرْكِ الْكِتْمَانِ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَفِي طُهْرِهَا وَحَيْضِهَا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ لَمَا وَعَظَهَا بِالْكِتْمَانِ. (وَنَحْوُ) قَوْله تَعَالَى: {وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ، وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} [البقرة: 282] ، لَمَّا وَعَظَهُ فِي الْبَخْسِ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِيمَا قَالَ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] إلَى قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] فَدَلَّ عَلَى (أَنَّ) أَمْرَهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الْمُدَايَنَةِ: اسْتِيثَاقٌ لِمَا يُخْشَى مِنْ الْجُحُودِ فِي الْعَاقِبَةِ، فَلَمْ يَجِبْ مِنْ أَجْلِهِ أَنْ يَخْتَلِفَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ وَعُقُودُ الْمُدَايَنَاتِ.