هَذِهِ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِالْمَحْسُوسَاتِ لَمَّا كَانَ ظَاهِرًا وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَاطِنًا لِأَنَّهُ تَوَصَّلَ إلَيْهِ بِنَظَرٍ (لَا يَجُوزُ) قِيَامُ دَلِيلٍ عَلَى نَفْيِ الْمَحْسُوسِ لِأَنَّ هَذَا بَاطِنٌ، وَالْمَحْسُوسُ ظَاهِرٌ. فَإِنْ قَالَ: مَا يَقْضِي عَلَى الْحِسِّ لَا يَكُونُ دَلِيلًا لِأَنَّ صِحَّةَ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِصِحَّتِهِ وَبَيَانِهِ. قِيلَ لَهُ: وَمَا يَقْضِي عَلَى الْعُمُومِ مِنْ الْقِيَاسِ لَا يَكُونُ دَلِيلًا لِأَنَّ دَلَائِلَ الْأَحْكَامِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السَّمْعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَرْعٌ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ قَاضِيًا عَلَى الْأَصْلِ. فَإِنْ قَالَ: لِأَنِّي أَقِيسُهُ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ. قِيلَ لَهُ: كَيْفَ صَارَ قِيَاسُهُ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ وَهُوَ فَرْعٌ لَهُ أَوْلَى مِنْ اسْتِعْمَالِ أَصْلٍ آخَرَ غَيْرِهِ، وَهَلْ يُخْرِجُك هَذَا مِنْ أَنْ تَكُونَ قَدْ جَعَلْت الْفَرْعَ آكَدَ مِنْ الْأَصْلِ وَجَعَلْت الْمُسْتَنْبَطَ أَوْلَى مِنْ الْمَذْكُورِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ (أَمْرِ) الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْجَرْحِ قَدْ ذَكَرَا الْجَرْحَ وَنَصَّا عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَاهِدَا التَّعْدِيلِ وَنَصَّا عَلَيْهِ وَأَيُّ بَاطِنٍ هَاهُنَا. وَإِنَّمَا قَضَيْت بِأَحَدِ الْمَسْمُوعِينَ عَلَى الْآخَرِ. فَإِنْ قَالَ: لِأَنَّ الْمُخْبِرَ بِالْجَرْحِ يُخْبِرُ عَنْ بَاطِنٍ عَلِمَهُ وَالْمُخْبِرُ بِالتَّعْدِيلِ إنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ ظَاهِرٍ يَجُوزُ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ بَاطِنُهُ بِخِلَافِهِ. قِيلَ لَهُ: وَكَذَا فَقُلْ فِي الْعُمُومِ إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلَفْظِ عُمُومٍ يَكُونُ بَاطِنُهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ كَمَا قُلْت فِي الْمُخْبِرِ (عَنْ الْعَدَالَةِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ لَزِمَهُ أَنْ يُجَوِّزَ