غَيْرَ مُتَعَدٍّ إلَى فَرْعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ،؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِهَذَا الْوَصْفِ لَمْ تَكُنْ عِلَلًا.
وَعِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ عِلَلِ الشَّرْعِ مَا لَا يَتَعَدَّى إلَى فَرْعٍ وَلَا يُفَارِقُ الْمَنْصُوصَ، أَوْ الِاتِّفَاقَ. نَحْوُ قَوْلِهِمْ: إنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَنَّهُمَا أَثْمَانُ الْأَشْيَاءِ، وَقَوْلِهِمْ: إنَّ أَوْلَادَ الْمَاشِيَةِ ضُمَّتْ إلَى أُمَّهَاتِهَا، إذَا حَدَثَتْ فِي الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهَا مِنْهَا، وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَقُولُهُ مَنْ يَعْرِفُ عِلَلَ الْأَحْكَامِ وَمَعَانِيَهَا، وَمَعَ ذَلِكَ قَوْلٌ وَاضِحُ الْفَسَادِ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَلَ إنَّمَا تُسْتَخْرَجُ لِإِيجَابِ الْأَحْكَامِ بِهَا، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مُسْتَغْنٍ بِدُخُولِهِ تَحْتَ النَّصِّ عَنْ اسْتِخْرَاجِ عِلَّةٍ لِإِيجَابِهِ، فَلَا مَعْنَى لِاسْتِخْرَاجِهَا لَهُ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْأَحْكَامِ لَوْ كَانَتْ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا لَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ الْقِيَاسِ وَاسْتِخْرَاجِ الْعِلَلِ، فَكَذَلِكَ مَا عُلِمَ بِالنَّصِّ، فَلَا مَعْنَى لِاسْتِخْرَاجِ عِلَّتِهِ، وَإِنَّمَا تُسْتَخْرَجُ الْعِلَّةُ مِنْ النَّصِّ لِلْفَرْعِ، لَا لِنَفْسِهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ عِلَلَ الْأَحْكَامِ إنَّمَا تُسْتَخْرَجُ لِلْقِيَاسِ بِهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَكُلُّ عِلَّةٍ لَا يَقَعُ بِهَا قِيَاسٌ فَلَيْسَتْ بِعِلَّةٍ، فَلَا مَعْنَى لَهَا إذَنْ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَجَازَ اجْتِهَادَ الرَّأْيِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَانِي وَالْعِلَلِ عِنْدَ عَدَمِ النُّصُوصِ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ وَغَيْرِهِ، فَإِذَنْ اجْتِهَادُ الرَّأْيِ سَاقِطٌ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ فِي اسْتِخْرَاجِ عِلَّتِهِ، كَمَا سَقَطَ فِي اسْتِخْرَاجِ حُكْمِهِ.
وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ إنَّمَا كَانُوا يَجْتَهِدُونَ آرَاءَهُمْ فِي اسْتِخْرَاجِ الْعِلَلِ فِي الْحَوَادِثِ، وَلَمْ