فَإِنْ قِيلَ: أَسْمَاءُ الْأَلْقَابِ لَيْسَتْ مُسْتَحَقَّةً لِمُسَمَّيَاتِهَا فِي اللُّغَةِ، وَلَمْ يَمْنَعْهَا ذَلِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ اسْمًا صَحِيحًا، فَمَا أَنْكَرْت مِنْ مِثْلِهِ فِي إثْبَاتِ أَسْمَاءِ الشَّرْعِ قِيَاسًا؟ قِيلَ لَهُ: إنَّ أَسْمَاءَ الْأَلْقَابِ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعَةٌ لِأَشْخَاصٍ بِأَعْيَانِهَا لَيْسَ طَرِيقُ إثْبَاتِهَا الْقِيَاسَ، بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَبْتَدِئَ وَضْعَهَا، فَيُسَمِّيَ نَفْسَهُ وَفَرَسَهُ وَغُلَامَهُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا، مِنْ غَيْرٍ قِيَاسٍ، فَهَلْ تُجِيزُ مِثْلَهُ فِي أَسْمَاءِ الشَّرْعِ وَأَسْمَاءِ اللُّغَةِ، (فَتُثْبِتُهَا وَضْعًا) مِنْ غَيْرِ قِيَاسٍ، ثُمَّ تَصِيرُ اسْمًا لِلْمُسَمَّى بِهِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ.

قِيلَ لَهُ: فَمَا حَاجَتُك إلَى اسْتِعْمَالِ الْقِيَاسِ فِي إثْبَاتِهَا، وَقَدْ اسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ، أَوْ جَائِزٌ لَك أَنْ تَبْتَدِئَهَا وَضْعًا مِنْ غَيْرِ قِيَاسٍ، وَعَلَى أَنَّ هَذَا ضَرْبٌ مِنْ الْهَذَيَانِ، لِأَنَّ مَا يَبْتَدِئُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْأَسْمَاءِ (لِأَجْنَاسٍ، أَوْ شَرْعٍ) لَا يَصِيرُ اسْمًا لِلْمُسَمَّى بِهِ لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ أَثْبَتُّمْ أَسْمَاءَ الْأَوْصَافِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ صِفَاتِ الْمُسَمَّيْنَ بِهَا قِيَاسًا.

قِيلَ لَهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي اللُّغَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: قَامَ فَهُوَ قَائِمٌ. وَقَعَدَ فَهُوَ قَاعِدٌ، فَهَذَا سَمَاعٌ لَيْسَ بِقِيَاسٍ.

فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا وَجَدْنَا الْعَصِيرَ لَا يُسَمَّى خَمْرًا، قَبْلَ حُدُوثِ الشِّدَّةِ فِيهِ، ثُمَّ وَجَدْنَاهُ يُسَمَّى خَمْرًا، عِنْدَ وُجُودِهَا، ثُمَّ وَجَدْنَاهَا يَزُولُ عَنْهَا اسْمُ الْخَمْرِ عِنْدَ زَوَالِ الشِّدَّةِ، وَحُدُوثِ الْحُمُوضَةِ وَجَبَ اعْتِبَارُ الِاسْمِ بِحُدُوثِ الشِّدَّةِ وَزَوَالِهِ بِزَوَالِهَا. يُسَمَّى كُلُّ مَا حَدَثَ فِيهِ هَذَا الضَّرْبُ مِنْ الشِّدَّةِ خَمْرًا، فَيُوجِبُ هَذَا أَنْ يُسَمَّى كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرًا. ثُمَّ يَعُمُّ الْجَمِيعَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ.

قِيلَ لَهُ: قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ هَذَا الِاعْتِبَارِ، وَأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَاهُ لَمَا صَارَ ذَلِكَ اسْمًا لِغَيْرِ الْخَمْرِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015