فَهَذَا الضَّرْبُ مِنْ الْأَسْمَاءِ يُفِيدُ أَوْصَافًا فِي الْمُسَمَّى (بِهَا) ،، أَوْ أَسْمَاءً أُخَرَ، وَهِيَ أَسْمَاءُ الشَّرْعِ، وَهِيَ مَقْصُورَةٌ عَلَى مَا يَرِدُ بِهِ التَّوْقِيفُ. نَحْوُ الْكَافِرِ، وَالْمُؤْمِنِ، وَالْمُنَافِقِ. وَنَحْوُ: الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالرِّبَا، وَنَحْوِهَا. هَذِهِ أَسْمَاءٌ شَرْعِيَّةٌ، قَدْ وُضِعَتْ فِي الشَّرْعِ لَمَعَانٍ لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَةً لَهَا فِي اللُّغَةِ.
فَمَا كَانَ مِنْ أَسْمَاءِ اللُّغَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ اسْمًا إلَّا بِمُوَاصَفَاتِ أَهْلِهَا، وَاصْطِلَاحِهِمْ عَلَيْهَا، حَتَّى يَكُونَ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إذَا سَمِعَهَا عَرَفَ الْمُرَادَ بِهَا، وَبِمَوْضُوعِهَا.
وَمَتَى لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ اسْمًا لِأَجْلِ اللُّغَةِ.
وَكَذَلِكَ الْأَسْمَاءُ الَّتِي هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ صِفَاتِ الْمُسَمَّى بِهَا فِي أَصْلِ اللُّغَةِ. سَبِيلُهَا الِاصْطِلَاحُ، وَمُوَاضَعَةُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى مَعَانِيهَا فِي الْأَصْلِ.
وَمِنْ حُكْمِهَا أَنْ لَا يُشْكِلَ مَعَانِيهَا عِنْدَ سَمَاعِهَا عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ اللُّغَةِ.
وَأَمَّا أَسْمَاءُ الْأَشْخَاصِ - وَهِيَ الْأَلْقَابُ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ وَصْفُهَا بِاللُّغَةِ، وَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا - فَلَيْسَ طَرِيقُهَا اللُّغَةَ، وَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِيمَا قَصَدْنَاهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِتْبَاعُ وَالسَّمَاعُ، أَوْ غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَسَمَّى بِمَا شَاءَ مِنْهَا.
وَأَمَّا أَسْمَاءُ الشَّرْعِ فَسَبِيلُهَا التَّوْقِيفُ. وَهِيَ تَجْرِي فِي بَابِهَا مَجْرَى أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ، فِي بَابِ أَنَّ عُلَمَاءَ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ سَبِيلُهُمْ أَنْ يَعْرِفُوهَا كَمَا عَرَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْأَسْمَاءَ اللُّغَوِيَّةَ.
، وَإِذَا تَقَرَّرَ حُكْمُ الْأَسْمَاءِ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَكَانَ مَعْلُومًا مَعَ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ سَمَّى الْمَاءَ خُبْزًا، أَوْ سَمَّى الذَّهَبَ نُحَاسًا، أَوْ سَمَّى الْفَرَسَ بَعِيرًا، أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ اسْمًا لَهُ، (لَا) فِي لُغَةٍ، وَلَا فِي شَرْعٍ.